اسبانيا الجميلة

اسبانيا دولة سياحية من الدرجة الأولى ولولا معالمها السياحية والآثار المعمارية التي خلفتها الدولة الاسلامية عندما كانت في أوج عظمتها،

لكان حالها كحال الدول النامية خصوصاً في ظل حكم الدكتاتور «فرانكو» الذي حاول عزل اسبانيا وابعادها عن أوروبا فأصبحت بحكم المنبوذة ولم يتقبلها النظام الأوروبي إلاّ بعد وفاة الجنرال «فرانكو».

ومع رجوع النظام الملكي حاولت اسبانيا ايجاد مكانة مستقرة بين دول اوروبا وبدأت في تطبيق سياسة جديدة لتعزيز هذه المكانة، ومع ذلك ظلت الدولة تعتمد اعتماداً كلياً على السياحة بحكم موقعها الجغرافي وبحكم معالمها التاريخية الاندلسية أو كما ينطقها الاسبان الاندلثيات التي لم تتكرر ابداً.

واعتقد أن اكثر محبي السفر والسياحة زار اسبانيا خصوصاً العرب بحكم انتمائهم وحنينهم إلى تاريخ الزمن الجميل!! خاصة قصر الحمراء، اشهر واجمل القصور في اوروبا، ومسجد قرطبة أكبر وأقدم مسجد في اوروبا والذي أضفى على اسبانيا الروح الاسلامية بكل المقاييس، بالاضافة الى مدينة طليطلة أو توليدو كما ينطقها الاسبان ولاشك ان العرب والمسلمين تركوا بصمة تاريخية في اسبانيا وشيدوا انجازات وآثاراً اسلامية عريقة خلدت امجادهم على مر العصور. لكنهم مع الأسف تراجعوا في الوقت الذي توحد فيه الاوروبيون وتقاربوا رغم خوضهم لحربين عالميتين مات فيهما آلاف منهم.

اما العرب فما انفكوا يختلفون وينقسمون!! واسبانيا رغم كل مشاعرها التاريخية تجاه العرب والمسلمين الا انها تفتخر بما لديها من تراث معماري اسلامي عظيم ويتمسك بعض اهاليها ببعض العادات والتقاليد التي توارثوها من المسلمين، واحسن ما كتب عن تاريخ العرب في الاندلس هو ما كتبه الدكتور عبدالله عنان في كتابه «دولة الاسلام في الاندلس» وهناك مناطق عديدة وشوارع تحمل اسماء عربية، وأذكر مرة وانا اقود سيارتي مررت بشارع يحمل اسم «فاطمة» ومكتوب بالأحرف اللاتينية «ساري فاطمة» اي شارع فاطمة، وقال لي احد الاصدقاء ان لديهم في فالنسيا احتفالاً سنوياً شبيهاً بعيد الاضحى اذ تقوم بعض العائلات المقتدرة في يوم محدد كل سنة بذبح «خروف» ويقول البعض ان هذه العادة قد تكون مكتسبة من المسلمين عندما كانوا يحتفلون بعيد الاضحى المبارك هناك ومع مرور الزمن تغير التاريخ لدى الاسبان واصبح يوماً ثابتاً في التقويم الميلادي.

كما ان الاهالي في بعض مناطق اسبانيا يستعملون مفردات عربية بلهجة اسبانية.

واذكر اني ذهبت مع مجموعة من السياح لزيارة مدينة طليطلة برفقة دليل سياحي وكان من بين الآثار التي شهدناها معبد يهودي قديم، شرح لنا الدليل قصة بناء المعبد وقال: ان اليهود اجتمعوا وقرروا تفادي ادخال نقوش وزخارف عربية واسلامية في بناء المعبد، مع ذلك لم يتمكنوا، فتفاصيل الفن المعماري الاسلامي ماثلة للعين وجدران وسقف المعبد تحتوي على 80% من النقوش والفسيفساء الاسلامية، واستمر الدليل في مدح هذه الحقبة من التاريخ الاسلامي الجميل واثنى على قدرة المسلمين على الابداع الفني في ذلك العهد، وتفاعلت مع كلامه الذي اشعرني بالفخر والاعزاز لأني كنت العربي الوحيد بين المجموعة فأخذت الدليل الى جنب وقلت له: شكراً على هذا الكلام الطيب الذي قلته عن التفوق والابداع الاسلامي فأنا افتخر بذلك لاني عربي فرد عليّ باستهزاء وان يكن ماذا يعنيني ذلك؟! فقلت له مستفزاً ان ما اكسبكم هذه الشهرة هو من صنع اجدادنا فتاريخهم يشهد على ذلك وانتم تعترفون به.

فرد ساخراً هؤلاء لا صلة بينكم وبينهم فهم قوم انقرضوا!! حالهم كحال الفراعنة في مصر ونحن الآن اقرب لهم منكم!!